اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 366
سورة النساء
مدنية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة النساء (4) : آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1)
اختلفوا في نزولها على قولين [1] : أحدهما: أنها مكيَّة، رواه عطيّة عن ابن عباس، وهو قول الحسن، ومجاهد، وجابر بن زيد، وقتادة. والثاني: أنها مدنية، رواه عطاء عن ابن عباس، وهو قول مقاتل. وقيل: إنها مدنية، إِلا آية نزلت بمكة في عثمان بن طلحة حين أراد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يأخذ منه مفاتيح الكعبة، فيسلِّمها إلى العبّاس، وهي قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها [2] ذكره الماوردي.
قوله تعالى: اتَّقُوا رَبَّكُمُ فيه قولان: أحدهما: أنه بمعنى الطاعة، قاله ابن عباس. والثاني:
بمعنى الخشية. قاله مقاتل. والنفس الواحدة: آدم، وزوجها حواء، و «من» في قوله تعالى: وَخَلَقَ مِنْها للتبعيض في قول الجمهور. وقال ابن بحر: «منها» ، أي: من جنسها.
واختلفوا أي وقت خلقت له، على قولين: أحدهما: أنها خلقت بعد دخوله الجنة، قاله ابن مسعود، وابن عباس. والثاني: قبل دخوله الجنة، قاله كعب الأحبار، ووهب، وابن إسحاق. قال ابن عباس: لما خلق الله آدم، ألقى عليه النوم، فخلق حواء من ضِلَع من أضلاعه اليُسرى، فلم تؤذه بشيء، ولو وجد الأذى ما عطف عليها أبداً، فلما استيقظ قيل: يا آدم ما هذه؟ قال: حواء.
قوله تعالى: وَبَثَّ مِنْهُما قال الفراء: بثَّ: نشر، ومن العرب من يقول: أبث الله الخلق، ويقولون: بثثتك ما في نفسي، وأبثثتك.
قوله تعالى: الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ قرأ ابن كثير، وابن عامر، والبرجمي، عن أبي بكر، عن عاصم. [1] قال القرطبي رحمه الله في «تفسيره» 5/ 5: هي مدنية إلا آية واحدة نزلت بمكة عام الفتح في عثمان بن طلحة الحجبي وهي قوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها. وهو الصحيح، فإن في صحيح البخاري- 4993- عن عائشة أنها قالت: ما نزلت سورة النساء إلا وأنا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تعني قد بنى بها. ولا خلاف بين العلماء أن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما بنى بعائشة بالمدينة. ومن تبين أحكامها علم أنها مدنية لا شك فيها. والله أعلم. [2] النساء: 58. وسيأتي الحديث أثناء تفسيرها.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 366